بإحصائه. لأنه لا يرى عزًا ولا شرفًا ولا مجدًا في سواه.
فكلما نظر إلى كثرة ما عنده منه، انتفخ وظن أنه من رفعة المكانة، بحيث يكون كل ذي فضل ومزية دونه، فهو يهزأ به ويهمزه ويلمزه، ثم لا يخشى أن يصيبه عقوبة على الهمز واللمز وتمزيق العرض - لأن غروره بالمال أنساه الموت وصرف عنه ذكر المآل فهو {يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ} ، أي يظن أن ماله الذي جمع وأحصاه، وبخل بإنفاقه، مُخَلِّدُهُ في الدنيا، فمزيل عنه الموت» [1] .
وفي الوقت الحاضر نرى ونشاهد أصنافًا من الناس، ومؤسسات كثيرة إعلامية وصحفية تتاجر بالأعراض ومن بينهم فنانون، وممثلون وغيرهم، يقدمون للناس أفلامًا ومسرحيات هابطة، فيها سخرية بدين الله - جلَّ وعلا - وبعباده المؤمنين، كل هذا لكسب ضحكات المشاهدين والمتابعين لما تنتجه الجاهلية المعاصرة مقترنًا بأحدث الوسائل التقنية في التنفيذ والإخراج كل هذا وذاك للحصول على المال!! ولو كان على حساب الدين والعرض والفضيلة [2] .
هذا ما يتعلق بالأسباب الداخلية، وقد يكون هناك أسباب غيرها، لكن حسبي أنني اجتهدت لإبراز أهم الأسباب النفسية التي تدفع بالمستهزئين إلى الوقوع في الاستهزاء، وفي المبحث التالي سوف أعرض لأهم الأسباب الخارجية، والله وحده الموفق والمُعين.
(1) «محاسن التأويل» (7/ 383 - 384) . وانظر: «في ظلال القرآن» (6/ 3972) لسيد قطب.
(2) انظر: «الاستهزاء بالدين وأهله» (ص 29) للشيخ د. محمد القحطاني.