ألا لا يجهلن أَحَدٌ علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا
ومن هذا سميت «الجاهلية» جاهلية، وهي متضمنة لعدم العلم أو لعدم العمل به، ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر: «إنك امرؤ فيك جاهلية» [1] . لمَّا سابَّ رجلًا وعيَّره بأمِّه، وقد قال تعالى: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 26] ، فإنَّ الغضب والحمية تحمل المرء على فعل ما يضرُّه وترك ما يعلم أنَّه ينفعه» [2] .
وقال ابن القيم رحمه الله: «الجهل نوعان: عدم العلم بالحق النافع، وعدم العلم بموجبه ومقتضاه، فكلاهما جهل لغة وشرعًا وحقيقة. قال موسى: {أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [البقرة: 67] ، لمَّا قال له قومه: {أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا} أي: من المستهزئين.
وقال يوسف الصدّيق: {وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ} [يوسف: 33] ، أي: من مرتكبي ما حرَّمت عليهم. وقال تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ... } [النساء: 17] .
قال قتادة: «أجمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّ كُلَّ ما عُصي الله به، فهي جهالة، وقال غيره: أجمع الصحابة أنَّ كل من عصى الله فهو جاهل.
(1) أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب المعاصي من أمر الجاهلية، برقم (30) ، «فتح» (1/ 106) ، ومسلم، كتاب الإيمان والنذور، باب إطعام المملوك مما يأكل، برقم (1661) ، «نووي» (11/ 142 - 143) .
(2) «مجموع الفتاوى» (7/ 539 - 540) .