فهرس الكتاب
الصفحة 159 من 1137

ألا لا يجهلن أَحَدٌ علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا

ومن هذا سميت «الجاهلية» جاهلية، وهي متضمنة لعدم العلم أو لعدم العمل به، ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر: «إنك امرؤ فيك جاهلية» [1] . لمَّا سابَّ رجلًا وعيَّره بأمِّه، وقد قال تعالى: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 26] ، فإنَّ الغضب والحمية تحمل المرء على فعل ما يضرُّه وترك ما يعلم أنَّه ينفعه» [2] .

وقال ابن القيم رحمه الله: «الجهل نوعان: عدم العلم بالحق النافع، وعدم العلم بموجبه ومقتضاه، فكلاهما جهل لغة وشرعًا وحقيقة. قال موسى: {أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [البقرة: 67] ، لمَّا قال له قومه: {أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا} أي: من المستهزئين.

وقال يوسف الصدّيق: {وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ} [يوسف: 33] ، أي: من مرتكبي ما حرَّمت عليهم. وقال تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ... } [النساء: 17] .

قال قتادة: «أجمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّ كُلَّ ما عُصي الله به، فهي جهالة، وقال غيره: أجمع الصحابة أنَّ كل من عصى الله فهو جاهل.

(1) أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب المعاصي من أمر الجاهلية، برقم (30) ، «فتح» (1/ 106) ، ومسلم، كتاب الإيمان والنذور، باب إطعام المملوك مما يأكل، برقم (1661) ، «نووي» (11/ 142 - 143) .

(2) «مجموع الفتاوى» (7/ 539 - 540) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام