أئمة اللغة، بل وفي كلام الله تعالى حيث قال - جل وعلا - في سورة الأنعام: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الأنعام: 10] .
قال ابن عاشور: «وهو مرادف للسخرية في كلام أئمة اللغة، فذكر «استهزئ» أولًا لأنه أشهر، ولمَّا أعيد عبَّر بـ «سخروا» ، ولمَّا أعيد ثالث مرة رُجع إلى فعل «يستهزئون» ، لأنه أخف من (يسخرون) ، وهذا من بديع فصاحة القرآن المعجزة» [1] .
وفي «صحيح مسلم» رحمه الله ما يشهد بالترادف بين اللفظين، وأن كل واحد منهما مرادفٌ للآخر في المعنى اللغوي - وحتى الشرعي -، قال - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه - عز وجل - في حديث آخر أهل النار خروجًا منها: «قال: فيقول: أتسخر بي وأنت الملك، قال: فلقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحك حتى بدت نواجذه» [2] .
وفي رواية ابن مسعود - عند مسلم - أيضاً - «فقالوا: ممَّ تضحك يا رسول الله؟ قال: من ضحك ربِّ العالمين حين قال: أتستهزئ مني وأنت ربُّ العالمين، فيقول: إني لا أستهزئ منك ولكن على ما أشاء قادر» [3] .
قال النووي: «واعلم أنه وقع في الروايات: «أتسخر بي» وهو صحيح، يقال: سخرتُ منه وسخرت به والأول هو الأفصح الأشهر،
(1) «التحرير والتنوير» (7/ 147) للطاهر بن عاشور.
(2) كتاب الإيمان، باب آخر أهل النار خروجًا، برقم (309) ، «نووي» (3/ 43) .
(3) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، برقم (310) ، «نووي» (3/ 41 - 42) .