فهرس الكتاب
الصفحة 1005 من 1137

وقد أزال الله دولة الأكاسرة بسبب استهزاء «كسرى» ملكهم، برسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

قال ابن تيمية رحمه الله: «وقد كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كسرى وقيصر، وكلاهما لم يُسْلِمْ [1] لكن قيصر أكرم كتابَ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأكرم رسوله، فثبت ملكه، فيقال: إنَّ الملك باقٍ في ذريته إلى اليوم، وكسرى مزَّق كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واستهزأ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقتله الله بعد قليل، ومزَّق ملكه كُلُّ ممزق، ولم يبق للأكاسرة مُلكٌ، وهذا - والله أعلم - تحقيق لقوله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [الكوثر: 3] ، فكُلُّ من شَنأه وأبغضه وعاداه فإنَّ الله يقطع دابره، ويمحق عينه وأثره» [2] .

فهذا الأمر: وهو زوال الدول بسبب الاستهزاء بالله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ودين الإسلام، أمره ظاهر للعيان، إذ لا خير في أمة تبقى ودينها منتهك مستهان، وقد كان المسلمون زمن شيخ الإسلام - عليه رحمة الله - يتباشرون بالنصر على الأعداء في حالة استعصاء الحصون والقلاع - إذا سمعوا الأعداء يقعون في عرض المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لعلمهم أنَّ هذا الأمر - وهو الاستهزاء والتنقص - له أثر كبير في زوال تلك القلاع والمدائن، فينقل ابن تيمية عن أهل العلم والخبرة قولهم: «إنْ كُنّا لنتباشر بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه - أي- الرسول - مع امتلاء القلوب غيظًا عليهم بما قالوه فيه» [3] .

(1) تقدم ذكره (ص 255) .

(2) «الصارم المسلول» (ص 172) .

(3) انظر: «الصارم المسلول» (ص 123) وهذه التجارب زمن شيخ الإسلام حدثت مع أهل المشرق والمغرب، مِمَّا يدُلُّ على شهرتها وكثرتها عند المسلمين.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام