فهرس الكتاب
الصفحة 1003 من 1137

الزوال للدول - فقال: «ثمَّ استمرَّ الأمر على عهد نبوة موسى كليم الرحمن، على التوحيد وإثبات الصفات، وتكليم الله لعبده موسى تكليمًا، إلى أن تُوُفِّي موسى - عليه السلام - ودخل الداخل على بني إسرائيل، ورفع التعطيلُ رأسه بينهم، وأقبلوا على علوم المعطلة، أعداء موسى - عليه السلام - وقدموها على نصوص التوراة، فسلط الله تعالى عليهم من أزال ملكهم، وشرَّدهم من أوطانهم، وسبَى ذراريهم، كما هي عادته سبحانه وسُنَّتُه في عباده إذا أعرضوا عن الوَحْي، وتعوَّضوا عنه بكلام الملاحدة والمعطلة من الفلاسفة وغيرهم، كما سلَّط النصارى على بلاد المغرب لمَّا ظهرت فيها الفلسفة والمنطق، واشتغلوا بها، فاستولت النصارى على أكثر بلادهم، وأصاروهم رعيَّة لهم. وكذلك لمَّا ظهر ذلك ببلاد الشرق، سلَّط عليهم عساكر التتار، فأبادوا أكثر البلاد الشرقية، واستولوا عليها. وكذلك في أواخر المائة الثالثة، وأول الرابعة، لمَّا اشتغل أهل العراق بالفلسفة وعلوم أهل الإلحاد سَلَّط عليهم القرامطة الباطنية، فكسروا عسكر الخليفة عِدَّة مرات، واستولوا على الحاجِّ، واستعرضوهم قتلًا وأسرًا، واشتدَّت شوكتهم، واتُّهم بموافقتهم في الباطن كثير من الأعيان، من الوزراء والكتَّاب، والأدباء وغيرهم، واستولى أهل دعوتهم على بلاد المغرب، واستقرت دار مملكتهم بمصر [1] ، وبنيت في أيامهم القاهرة، واستولوا على الشام والحجاز واليمن والمغرب، وخُطِبَ لهم على منبر بغداد» [2] .

وجاء في شعر بعض المتكلمين في هذا المعنى قوله:

فكم قد رأينا من رجال ودولة ... فبادوا جميعًا مسرعين وزالوا

(1) وهم العبيديون المدعون كذبًا وزورًا أنهم فاطميون، وحتى لو كانوا كذلك فهل يغني عنهم ما ارتكبوه من كفر وضلال.

(2) «إغاثة اللهفان» (2/ 269 - 270) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام