ما يضاد هذه المحبة الشرعية، منها شرك المحبة، وقد اعتنى العلماء بهذا النوع من أنواع الشرك الأكبر بياناً له، وتحذيراً من خطورته، ولأجل ذلك عقد الإمام محمد بن عبد الوهاب باباً في هذا المعنى من كتاب التوحيد، فقال: باب قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ} [البقرة: 165] .
يقول ابن القيم رحمه الله: «فأخبر أن من أحب من دون الله شيئًا، كما يحب الله تعالى: فهو ممن اتخذ من دون الله أندادًا، فهذا ندٌّ في المحبة، لا في الخلق والربوبية، فإن أحدًا من أهل الأرض لم يثبت هذا الند في الربوبية بخلاف ند المحبة. فإن أكثر أهل الأرض قد اتخذوا من دون الله أندادًا في الحب والتعظيم» إلى أن قال: «وهذه التسوية المذكورة في قوله تعالى حكاية عنهم، وهم في النار يقولون لآلهتم وأندادهم، وهي محضرة معهم في العذاب {تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 97 - 98] ، ومعلوم أنهم لم يسووهم برب العالمين في الخلق والربوبية، وإنما سوَّوهم به في المحبة والتعظيم.
وهذا - أيضاً - هو العدل المذكور في قوله تعالى: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ} [الأنعام: 1] ، أي يعدلون به غيره في العبادة التي هي المحبة والتعظيم» [1] .
(1) «مدارج السالكين» (3/ 20 - 21) ، وانظر: «جلاء الأفهام» (ص 136 - 137) كلاهما لابن القيم، و «الدرر السنية» (2/ 154 - 155) ، و «فتح المجيد» (ص 386) للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ.