ففرق بين المحبة الشرعية وغير الشرعية، «ولهذا كانت محبة هذه الأمة لله أكمل من محبة من قبلها، وعبوديتهم لله أكمل من عبودية من قبلهم، وأكمل هذه الأمة في ذلك أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ومن كان بهم أشبه كان ذلك فيه أكمل» [1] .
وقد شابه طوائف من هذه الأمة: أهل الكتاب؛ كالجهمية والصوفية في مسألة المحبة لله - جل وعز - أما الجهمية فقد أنكرت محبة الرسل - عليهم الصلاة والسلام - والمؤمنين لله تعالى، ومحبة الله تعالى لأوليائه.
قال ابن القيم رحمه الله: «وعند الجهمية والمعطلة ما من ذلك كله شيء فإنه عندهم لا تقرب ذاته من شيء، ولا يقرب من ذاته شيء، ولا يحب لذاته، فأنكروا حياة القلوب، ونعيم الأرواح، وبهجة النفوس، وقرة العيون، وأعلى نعيم الدنيا والآخرة، ولذلك ضربت قلوبهم بالقسوة، وضربت دونهم ودون الله حجب على معرفته ومحبته، فلا يعرفونه ولا يحبونه، ولا يذكرونه إلا عند تعطيل أسمائه وصفاته فذكرهم أعظم آثامهم وأوزارهم بل يعاقبون من يذكره بأسمائه وصفاته ونعوت جلاله، ويرمونهم بالأدواء التي هم أحق بها وأهلها وحسب ذي البصيرة وحياة القلب: ما يرى على كلامهم من القسوة والمقت والتنفير عن محبة الله - عز وجل - ومعرفته وتوحيده، والله المستعان» [2] .
أما الصوفية: فقد انحرفوا عن الصراط المستقيم وفارقوا مسلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم - ومن تبعهم بإحسان، إذ محبة هؤلاء لربهم يتولد عنها رغبتهم: «أن الناس كلهم يحبونه ويذكرونه ويعبدونه
(1) المصدر السابق (ص 39) .
(2) «مدارج السالكين» (3/ 23) ، وانظر: «فتح المجيد» (ص 378) للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ.