ومعه - صلى الله عليه وسلم - ومع الصالحين من أمته قد فعله الخلق الكثير من متأخري هذه الأمة، واعتقدوه قربة من القربات وهو من أعظم السيئات والمنكرات، وما شعروا أن ذلك محادة لله ورسوله» [1] .
وللإمام ابن القيم كلام نفيس في هذا الباب عند حديثه عن تقسيم الشرك إلى أكبر وأصغر، قال: «فأما الشرك فنوعان: أكبر وأصغر، فالأكبر لا يغفره الله إلا بالتوبة منه، وهو أن يتخذ من دون الله ندًا يحبه كما يحب الله بل أكثرهم يحبون آلهتهم أعظم من محبة الله ويغضبون لمنتقص معبودهم، وآلهتهم في المشايخ أعظم مما يغضبون إذا انتقص أحد رب العالمين، وقد شاهدنا هذا نحن وغيرنا منهم جهرة» [2] .
فأهل الشرك بالله تعالى الذين اتخذوا معه ندّاً مساويًا، قد عابوا أهل التوحيد الخالص، بأنهم يتنقصون الأموات من الصالحين وغيرهم ولا يوفون حقهم على حد زعم أهل الشرك، قال ابن القيم: «فجعلوا بين الشرك بالمعبود وتغيير دينه، ومعاداة أهل التوحيد ونسبة أهله إلى التنقص للأموات وهم قد تنقصوا الخالق بالشرك، وأوليائه الموحدين له بذمهم وعيبهم ومعاداتهم، وتنقصوا من أشركوا به غاية التنقص إذ ظنوا أنهم راضون منهم بهذا وأنهم أمروهم به وأنهم يوالونهم عليه، وهؤلاء أعداء الرسل والتوحيد في كل زمان ومكان، وما أكثر المستجيبين لهم، ولله در خليله إبراهيم حيث يقول: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا} ... » [3] .
وجاء في رسالة للشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن - فيها مجمل ما يدعو إليه إمام الدعوة - قال: «فإذا كان دعاء الموتى مثل
(1) «فتح المجيد» (ص 257) .
(2) «مدارج السالكين» (1/ 339) باختصار. وانظر: «الدرر السنية» (8/ 31) .
(3) «مدارج السالكين» (1/ 346) . وانظر: «الدرر السنية» (1/ 33، 8/ 179) .