إن اتفقت له .. إما من نسب أو جمال، أو قوة، أو علم، ... فما ظنك بعظيم قدر من اجتمعت فيه كل هذه الخصال» [1] .
هذا خلافًا لما وهبه الله من النبوة والرسالة، والخُلَّة والمحبة، والإسراء والرؤية، والقرب والدنو، والشفاعة والوسيلة، والدرجة الرفيعة العالية، والمقام المحمود ... إلخ، فمن كانت هذه صفاته، ومكانته وعظمته عند ربه جل وعلا حقيق أن يحترمه المسلمون ويعزِّروه ويوقِّروه، قال تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا 8} لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الفتح: 8 - 9] .
قال ابن تيمية رحمه الله: «إن الله فرض علينا تعزيره وتوقيره؛ وتعزيره: نصره ومنعه، وتوقيره: إجلاله وتعظيمه، وذلك يوجب صون عرضه بكل طريق، بل ذلك أول درجات التعزير والتوقير، ومن أعظم النصر حماية عرضه ممن يؤذيه» [2] .
وقال ابن القيم رحمه الله في نونيته:
لكنما التعزير والتوقير ... حق للرسول بمقتضى القرآن
والحب والإيمان والتصديق لا ... يختص بل حقان مشتركان
هذي تفاصيل الحقوق ثلاثة ... لا تجهلوها يا أولي العدوان [3]
وقال - أيضاً: «فهو المجلَ المعظمَّ المحبوب المكرم، وهذا كمال المحبة أن تقرن بالتعظيم والهيبة، فالمحبة بلا هيبة ولا تعظيم ناقصة، والهيبة والتعظيم من غير محبة - كما تكون للغادر الظالم - نقص أيضاً،
(1) «الشفا» (1/ 77 - 79) .
(2) «الصارم المسلول» (ص 217 - 218) ، والتعظيم يشمل القلب، واللسان والجوارح، فكل من هذه الأعضاء له وظائف يعظم من خلالها الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
(3) «القصيدة النونية» (ص 173) .