حمله جماعة من السلف على الضر الدنيوي؛ فإن وجد الضر الأخروي: بأن خشي فتنة في دينه، لم يدخل في النهي. . . وقد فعل ذلك جماعة من الصحابة، ففي الموطأ عن عمر أنه قال:"اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط" (1) وأخرجه عبد الرزاق من وجه آخر عن عمر، وأخرج أحمد وغيره من طريق عبس ويقال عابس الغفاري أنه قال: يا طاعون خذني، فقال له عليم الكندي: لم تقول هذا؟ ألم يقل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-:"لا يتمنين أحدكم الموت"، فقال إني سمعته يقول:"بادروا بالموت ستا إمرة السفهاء وكثرة الشرط وبيع الحكم" (2) الحديث، . . . وأصرح منه في ذلك حديث معاذ الذي أخرجه أبو داود وصححه الحاكم في القول في دبر كل صلاة وفيه:"وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني إليك غير مفتون" (3) " (4) ."
وقد اعتنى ابن رجب رحمه اللَّه بشرح هذه المسألة في كتابه الجليل اختيار الأولى فقال:"وهذا من أهم الأدعية؛ فإن المؤمن إذا عاش سليمًا من الفتن، ثم قبضه اللَّه تعالى إليه، قبل وقوعها وحصول الناس فيها،"
(1) سيأتي (694) تخريجه في باب الآثار الواردة في الصحابة والإمامة.
(2) مسند الإمام أحمد (25/ 427) رقم (16040) ، وقال محققوه:"حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف"ثم توسعوا في تخريجه.
(3) انظر السنة لابن أبي عاصم (169 - 170) فقد صححه الشيخ الألباني رحمه اللَّه.
(4) فتح الباري (10/ 128) ، وانظر الاستذكار (3/ 118) ، وسبل السلام (2/ 89) .