ولأنّ الحكمة توجب تفضيل أهل المعرفة على أهل النّكرة، فلو خلّدهما جميعا في النار بطلت التفرقة وثبتت التسوية، فثبتت التفرقة بين أهل المعرفة والنّكرة.
وبدلالة السّمْع والحكمة.
وأما قولهم: (اللهم يا وليّ الإسلام وأهله، مسّكنا بالإسلام حتى نلقاك به) ، فإنّما طلبوا الثّبات على الإسلام إلى الموت، لأنّ السعادة الأبدية تحصل به، وخلقت هذه الدّار مطيّة إليها، ولزمت التّكاليف لأجلها، فوجب طلب الثبات على ما به يتوصّل إليها، وهو لقاء الله تعالى بالإسلام، ولذلك طلب ذلك خيار الخليقة، قال يوسف صلوات الله عليه حين استقرّ في الملك: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: 101] ، وكذا غيره.
ولأن المؤمن بين الخوف والرجاء إلى الموت على ملّة الإسلام، فوجب الاهتمام بسؤال الموافاة بالإسلام.
ثم ذكر الطحاويّ رضي الله عنه قولهم في معاملة أهل القبلة في حياتهم ومماتهم.
وأما قولهم: (ونرى الصلاة خلف كلّ برٍّ وفاجر من أهل القبلة) ، فإنما قالوا ذلك لأنّ الامتناع من الصلاة خلف أهل القبلة يورث نقمة البدعة، والقول بإنكار أهل الكبائر، وقد قام الدّليل على فساد ذلك.