فهرس الكتاب
الصفحة 8 من 143

عَمَّا يُشْرِكُونَ [الحشر: 23] ، وصف الله تعالى نفسه بتجريد الألوهيّة والوحدانيّة، وأنه القدّوس؛ وهو الطاهر عن الآفات والعيوب. والتكبّر هو الارتفاع عن معاني الخلق، ثم قال: سبحان الله، وهي كلمة تبرئة وتنزيه، سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير: سبحان الله، فقال: براءة الله من كل سوء، ثم قال: عمّا يشركون، والإشراك ينتظم على الأوجه الثلاثة، إذ الإشراك هو التسوية، فالمجوس لعنهم الله حيث أثبتوا اثنين كان ذلك تسوية في الذّات، ومشركو العرب حيث عبدوا الأصنام، وكان ذلك تسوية منهم بين الله تعالى وبين الأصنام، وكذلك إشراك اليهود ومن تابعهم من المجسّمة تسوية منهم بين الله تعالى وبين البشر، وقد نزّه الله تعالى نفسه عن كل أنواع الشّرك بقوله: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الحشر: 23] ، وبقوله: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الروم: 40] ، وبقوله: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الصافات: 159] .

[نفيّ تامّ]

[التّشبيه ينفي الألوهيّة]

وأما قولهم: (ولا شيء مثله) ، فهو تحقيق لإثبات كمال ذاته في الأزل والقدم بنفي النظير والمماثل، ووصفه بالتعالي عن المشابهة والمماثلة، لأنّ القول بالمشابهة بين الله تعالى وبين خلقه قول ينفي الألوهيّة، وإنكار للصّانع، لأنّ التّماثل بين الشيئين من كلّ وجه يوجب المساواة بينهما من كلّ وجه، والمماثلة بينهما من وجه يقتضي المساواة بينهما من ذلك الوجه، كالمشابهة بين الله تعالى وبين العالم؛ إنْ كانت من كلّ وجه، فإنّها تقتضي المساواة في

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام