قال القاضي أبو حفص: ذكروا الإيمان وأتبعوه بالإيقان؛ ليعلم أنّ الإيمان بجميع ما سبق ذكره واجب، وأنّ الإيقان بجميع ذلك على التأبيد لازم، إذ كلّ ذلك من حقّ الربوبيّة ثابت الله تعالى من الأزل إلى الأبد.
وإمام الهدى أبو منصور رضي الله عنه يقول في تفاصيل كلامه في تأويل الجمع بين الإيمان والإيقان: هو أنّ ما أقرّوا به واعتقدوه ثابت بالحجج السمعية والبراهين العقلية، والسمعيّات أخبار صادرة عن الصّدق، وهي متأيّدة بالمعجزات القاهرات، فتستوجب التصديق، وهو الإيمان بحقيّة موجبها، والعقليات توجب النظر والتأمّل والاستدلال، والعلم الثابت بالاستدلال يسمّى يقينا، والعالم عن الاستدلال يسمّى موقنا، قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} [الأنعام: 75] .
ثم ذكر أبو جعفر الطحاويّ في كتابه عقيب ذكره عقيدة فقهاء الملة في التّوحيد والصفات عقيدتهم في الرسالة.
وأمّا قولهم: (وإنّ محمّد) ، فقد شهدوا برسالته ونبوّته عقيب شهادتهم بوحدانيّة ربّ العالمين؛ لما أنّ الله تعالى أرسله إلى الثّقلين رسولا، ليكون نذيرا للعالمين، داعيا إلى توحيد خالقهم، وقرن شهادة رسالته بشهادة وحدانيّته وألوهيّته، فقال جلّ ذكره: قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا