فهرس الكتاب
الصفحة 87 من 143

الله تعالى، به فيكون منازعه في الربوبيّة، فيكفر بذلك، وامتناعهم عن تكفيره إذا لم يستحّل، فلأنه متمسّك بالإيمان، ومحلّه القلب، وباشر المعصية بجوارحه، والمعصية ضدّ الطاعة لا ضدّ الإيمان، وإنما ضدّ الإيمان هو الكفر، ومحلّهما القلب، فإذا وُجد أحدهما بطل الآخر، لاستحالة اجتماع الضّدّين في محلّ واحد في وقت واحد، وأما المعصية والطاعة فمحلّهما الجوارح، فلا تتعدّى المعصية عن المحّل المباشر لها إلى محّل الإيمان بدون اعتقاد الحل.

[الرد على المرجئة]

وأما قولهم: (ولا نقول لا يضرّ مع الإيمان ذنب لمن عمله) ، فإنما قالوا ذلك ردّا على المرجئة الخبيثة، حيث زعموا: لا يضرّ المؤمن ذنب لمن علمه، وهو خلاف النّصوص السمعية، فقد ورد الكتاب بوعيد أصحاب الكبائر، ووردت الأخبار المستفيضة في تعذيب أصحاب الكبائر وشفاعتهم، وعلى ذلك إجماع أهل السنة والجماعة.

وأما قولهم: (ونرجو للمحسنين من المؤمنين) ، فإنما قالوا ذلك لقوله تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 60] ، ولقوله تعالى: {جَزَاءً وِفَاقًا} [النبأ: 26] ، والجزاء الوفاق هو المجازاة على الإحسان بالإحسان، وعلى الإساءة بالإساءة.

فإن قيل: إن النّص يدلّ على يقين الإحسان، إذ حرف الاستفهام من الله تعالى على القرير والإيمان، لأنه يستحيل ان يستفهم، لأنه لم يزل عالما، فلم قالوا: نرجو؟ قيل: المجازاة بالإحسان على التقرير والإيجاب كما ذكرت، لكن بشرط الإتيان به إلى دار الجزاء،

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام