قال رضي الله عنه: (هذا ذكر بيان اعتقاد أهل السّنّة والجماعة)
فإنما قال ذلك لقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلّم: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108] .
فالسّنّة عبارة عن الطّريق والملّة التي أمر الله تعالى رسوله بالكون عليها، وعلى حقيقتها قامت الحجج الواضحات، وذلك معنى قوله: على بصيرة؛ أي على علم وبيان وحجة قاطعة، وقوله: ومن اتّبعني، أيضا على حجّة وبرهان.
وأمّا قوله: والجماعة، فهم الذين اتّبعوه على ملّته، ودانوا بها، ودعوا سائر الأمم إليها، حتى صار إجماعهم حجّة من حجج الله تعالى موجبة للعلم قطعا.
وأمّا قول فقهاء الملّة رحمهم الله: (نقول في توحيد الله تعالى معتقدين بتوفيق الله تعالى)
فإنما قالوا: بتوفيق الله، لأنّ الوصول إلى توحيد الله يكون بتوفيق الله وهدايته، وهو مذهب أهل السّنّة والجماعة، على ما قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69] ، أي: إلى توفيقنا وهدايتنا.
وأمّا قولهم: معتقدين، فإنما قالوا ذلك نفيا للنّفاق، وتحقيقا للإيمان، إذ الإيمان هو التّصديق والاعتقاد، وذلك يكون بالقلب، قال الله تعالى فيمن أقرّ باللّسان دون القلب: