المعجزة على يدي المتنبّي لذلك، ولا يمتنع قيام الخارق للعادة، ولا يمتنع على يدي المتألّه كفرعون وجري النهر تحته، ويكون ذلك فتنة واستدراجا لمن ادّعى ذلك، ولمن اتّبعه على ذلك مع ظهور آيات كذبه، وإنما لا يمتنع وجود ذلك على يدي المتألّه، لأنّ أمارات كذبه في دعوى الربوبيّة ظاهرة، فإنه تكذبه خلقته بشهادة التأليف والتركيب وسائر دلالة كونه محدثا مصوّرا مصنوعا، فلا يقع في كونه كاذبا التباس على الخلق، بخلاق المتنبّي، لأنه ليس في خلقته أمارة تكذبه في دعوته الرّسالة، فلا فرق بينه وبين الصّادق إلا ظهور المعجزة، فلذلك امتنع ظهورها على يدي الكاذب، فهذه هي الدّلالة على أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكون رسولا حتى يكون معصوما عن الكذب.
وأمّا قولهم: (ورسوله المرتضى) ، فإنّما قالوا ذلك إقرارا بالكتاب الذي هو من أعظم المعجزات، واتّباعا له، وإيمانا وتصديقا، حيث قال الله تعالى: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158] ، قال: {وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [البقرة: 252] ، وقال: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا} [النساء: 79] ، ولم يرسله إلا بعد ارتضاء الرسالة، لأنه تعالى لا يرسل غير المرضيّ، وهو الذي يخبر بالمحالات.
وأمّا قولهم: (وخاتم الأنبياء) ، فإنما قالوا ذلك لقوله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40] ، ولما تواتر الخبر عمّن قامت المعجزات الظاهرات على رسالته وعصمته صلوات الله عليه أنه قال: لا نبيّ