فهرس الكتاب
الصفحة 45 من 143

بعده، فأخرجوه بها من العبوديّة.

وأما قولهم: (ونبيّه المجتبى) .

وصفوه بالاجتباء والأمانة ليعلم أن الله تعالى لا يظهر الإعجاز إلا على يدي الأمين الذي يخبر بالممكن والواجب، كثبوت الصّانع ووحدانيته وقدمه ودوامه وثبوت حدثِ ما سواه، ولا يقيم المعجزة على يدي الكاذب الذي يخبر بما تكذبه العقول، كفعل مسيلمة الكذّاب وسائر المتقوّلة على الله تعالى، لما في إقامة الآية على يدي الكذّاب من التلبيس على الخلق بين النبيّ والمتنبّي، وذلك يفضي إلى السّفه، والعجز عن التمييز بين ليتبع، وبين المبطل ليجتنب.

أما بيان وجه السفه؛ فلأنّ إقامة الآية على يدي من يثبت الوحدانية والكمال، وعلى من ينفي الوحدانية ويبقي التثنية والنقص، سفه وجهل، لما في ذلك من ثبوت المناقضة في الحجج.

وأمّ وجه العجز عن التفرقة بين المحقّ والمبطل؛ فلأنه لو أقام المعجزة للمعجزة للنبيّ على إثبات الرّسالة، وجاز مثلها على يدي المتنبّي، ولا يمكن الفصل بينهما إلا بالآية الخارقة، إذ جوهرهما على السواء، والخبر بأنه رسول لفظ يتأتّى تكلّمه من كل أحد؛ أفضى ذلك إلى العجز عن تمييز المحقّ من المبطل، إذ كلّما قامت معجزة للنبيّ جاز ظهور مثلها للمتنبّي، فينسدّ على الخلق طريق معرفة الصادق من الكاذب، والحقّ من الباطل، فيفضي إلى العجز عن تمييز المحق من المبطل، فيتعالى الله الحكيم القدير عن العجز والسّفه، فيمتنع قيام

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام