فهرس الكتاب
الصفحة 106 من 143

[الحج والجهاد ماضيان مع الإمام]

وأما قولهم: (والحج والجهاد فرضان ماضيان مع أولي الأمر من أئمّة المسلمين بارّهم وفاجرهم إلى قيام الساعة، لا يبطلهما شيء ولا ينقضهما) .

أما قولهم في الحج والجهاد إنهما ماضيان، فهذا منهم بيان بأنّ الحجّ وإنْ كان فرضا على كلّ مكلّف في عمره مرّة واحدة، لكنّه سفر جهاد بالمال والبدن عند القدرة، وهو من شعائر الإسلام، فكان كجهاد العدوّ، حتى قال بعض مشايخنا في تصنيف له: إنّ الكافر إذا أحرم مع المسلمين، ووقف بعرفات، وقضى المناسك، فإنه يحكم بإسلامه لكون الحجّ من شعائر الإسلام، فيستدلّ بذلك على تبدّل ما كان يعتقده من الكفر، لأنّ الإسلام في الحقيقة اعتقاد دين الحق، وكذا الكفر اعتقاد دين الباطل، وإنما يوقف عليهما بالدّلائل، إذ الإقرار بالتوحيد دلّ على وجوده في القلب.

وكذلك قال مشايخنا: إذا قال الحربيّ والوثنيّ: أنا مسلم، يقبل منه، ويجعل ذلك إسلاما منه، بخلاف الكافر الكتابيّ، لأنّ الأوّل يعتقد مطلق الكفر، والثّاني كافر برسالة بعض الرسل مستثنيا باليهوديّة أو بالنصرانيّة، فما لم يوجد منه الإيمان برسالة من كفر به مع التّبرّي من دينه الباطل لا يحكم بإسلامه، فكان الحجّ كالجهاد.

وأمّا الجهاد؛ فهو من خصائص نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم، وهو دعاء إلى دين الله عزّ وجلّ وتوحيده، قال الله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} [البقرة: 193] ، قال المفسّرون: معناه حتى لا يكون شرك، وعن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام