وأما قولهم: (والأعمال بالخواتيم) ، فإنما قالوا ذلك لورود الأخبار كذلك، قال أبو حفص الغزنويّ: وقد ورد في معنى ذلك أنّ الرجل قد تدركه الندامة ف آخر عمره، فيتوب إلى ربّه، فيختم له بالخير، وقد يدركه العجب أو ما يحبط أو ما يبط عمله، فيختم له بالشر.
وورد أيضا: إنّ الرجل ليعمل بعمل أهل الجنّة، حتى يبقى بينه وبينها باع أو ذراع، فتدركه الشقاوة، فيعمل بعمل أهل النار، فيدخل النار، وإنّ الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى يبقى بينه وبينها باع أو ذراع، فتدركه السعادة، فيعمل بعمل أهل الجنة، فيدخل الجنة.
وأما قولهم: (والسعيد من سعد بقضاء الله، والشقيّ من شقي بقضاء الله) .
قال الغزنويّ: إنما قالوا ذلك لأن الله تعالى لا يقضي بسعادة أحد إلا بعد علمه أنه يخرج من الكفر إلى الإيمان، ولا يقضي بشقاوة أحد إلا بعد علمه أنه يخرج من الإيمان إلى الكفر، فعلمه بالحادثات سابق، ليقضيَ عليهم ولهم بما سبق علمه بهم قبل وجودهم، وهو مطّلع على السرائر بعد وجودهم.
وأما قولهم: (وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه، لم يطلعْ على ذلك ملك مقرّب، ولا نبيّ مرسل) .