فهرس الكتاب
الصفحة 75 من 143

قضاه وقدّره؟ فبين فقهاء الملّة بقولهم: وقد علم الله تعالى فيما لم يزل عدد من يدخل الجنة ويدخل النار جملة واحدة، أي: علم عدد من يدخل الجنة أنهم يؤمنون ويطيعون عن اختيار، وعلم عدد من يدخل النار أنهم يكفرون ويخالفون أوامره عند الوجود والبلوغ والعقل عن اختيار منهم، لا عن جبر واضطرار، فيستوجبون النار.

ويستحيل أن لا يعلم ما يكون من مخلوقاته قبل وجودهم، إذ ذلك جهل، والجهل في حقّ القديم محال، فثبت سبق علمه في الأزل بما يكون من مخلوقاته، ومن صفاته القضاء والقدر والحكم، ومحال أن يقضي بخلاف ما علم، إذ في ذلك تجهيل علمه، وذلك محال في حقّه لما فيه من بطلان العلم ولزوم الجهل، فثبت أنه يقضي بما سبق علمه في الأزل بهم أنهم يفعلون ما يفعلون عن اختيار لا عن جبر واضطرار، فكان ذلك عدلا منه، فبطل ما توهّمت القدرية.

وأما قولهم: (على نسق ما ذكروا، وكل ميسّر لما خلق له) ، فإنما قالوا ذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: اعملوا وقاربوا وسدّدوا، فكلّ ميسر لما خلق له، معناه: جدّوا في العمل واجتهدوا، ولا تدعوا أعمالكم محتجّين بالقضاء، فإنّ الله تعالى دعاكم إلى طاعته، وأمركم بالمجاهدة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام