فهرس الكتاب
الصفحة 36 من 143

تعالى لأنّ الشهوة إرادة مخصوصة، وهي إرادة ما فيه نفع للمريد، والله تعالى لا ينتفع بشيء فلا تكون إرادته اشتهاء، بل إرادته صفة ربوبيّة.

ولا يجب أنْ يُفهم من إرادة الله ما يُفهم من إرادة خلقه، كما يفهم من علمه وفعله وسائر صفاته ما يُفهم من صفات خلقه، فإنّ العلم في الشاهد يكون باعتبار القلب، وكذا الفعل في الشاهد بالعلاج وبالآلة، ويتعالى الله عزّ وجل عن معاني خلقه، فإنّ الله تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وصف نفسه بالمشيئة والإرادة؛ فتثبتان على الحقيقة، وثبوت الصفة له على المجاز محا، لأنه نقص، ومن شرط القديم الكمال.

[مشيئة الله المعبود وكسب العباد]

وأما قولهم: (ومشيئته تنفذ) ، فإنما قالوا ذلك لما أنّ مشيئته تعالى صفة ذاتيّة، فكانت نافذة في الأشياء إذ هو الواحد القهّار؛ قهر الأشياء على مقتضى إرادته، وهو الملك القدّوس الجبّار؛ جبر الأشياء على الدخول تحت مشيئته، فظهر نفاذ مشيئته وإرادته بتخصيص مفعولاته ومصنوعاته المتجانسة على هيئات مختلفة، وأوصاف متباينة، في أمكنة مخصوصة، وأزمنة مخصوصة، وظهر آثار قهره في كل شيء بالتسخير والتذلّل ولزوم التغيّر والزوال، وظهر آثار كمال قدرته الذاتية بقيام السماء في الهواء بلا علاقة من فوق، ولا عمد من تحت.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام