وأما قولهم: (له معنى الربوبيّة ولا مربوب، ومعنى الخالق ولا مخلوق) .
قال أبو حفص الغزنويّ: لم يريدوا معنى متعدّدا يتصوّر زواله مع بقاء ذاته، لأنه حينئذ تكون الصّفة غيره، ولا يجوز أن تكون صفة الله غيره، لأنّ حقيقة الغيريّة إنّما تتبيّن بزوال أحدهما مع بقاء الآخر، وذلك محال في حقّ الله تعالى وصفته.
ولا يقال: إنّ صفة الله عزّ وجل غيره، فيكون إلحاقا لصفته بصفات الخلق، فيكون جعلا لصفته عرضا، إذ صفات الخلق أغيار لهم؛ لكونها أعراضا تعرض فيهم وتزول، والله تعالى قديم بصفاته بلا ابتداء، دائم بكماله بلا انتهاء.
ولا يقال: إنّ صفة الله تعالى هو، لأنّ فيه تعطيل الذّات، وحاصل المعنى في ذلك أنه خالق ولا مخلوق، وربّ ولا مربوب، لأنّ التخليق معنى قائم بذاته في الأزل، وإن لم يكن مخلوق، كما كان عالما في الأزل بالعالم قبل وجوده، وكما كان قادرا في الأزل ولا مقدور، وهذا على ما بيّنوه من بعد؛ كما أنه محيي الموتى بعدما أحيا؛ استحقّ هذا الاسم