فهرس الكتاب
الصفحة 71 من 143

ذلك ظهور آية رسالته، فإنه قاطع مسافة ما كانت القوافل تقطعها شهرين في ليلة واحدة.

وأما قولهم: (وعرج بشخصه في اليقظة إلى السماء، ثم إلى حيث شاء الله تعالى من العلى، وأكرمه الله بما شاء، وأوحى إليه ما أوحى) ، فإنما أثبتوا المعراج بشخصه في اليقظة إلى السماء لما تواترت الأخبار بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تفسير سورة النجم، ولتجويز العقل بثبوت ذلك وكونه، فإنّ قيام السماء في الهواء مع عظمها وسعتها وثقلها بلا علاقة من فوق ولا عمد من تحت بقدرة الله تعالى أمر مشاهد موجب للعلم قطعا بأن ذلك بقدرة ذاتيّة وقوة أزليّة لا تقدر بقوى الخلائق، وأنه لا يعجزه شيء، وكذلك قيام السحاب الثقال وعليه يجوز الماء، والسحاب شيء غليظ كثيف؛ وهو على متن الوا؛ وهو شيء لطيف لا يحتمل أن يكون مقرّا لشيء كثيف وعليه يجوز الماء؛ وهو شيء ثقيل من شأنه وطبعه النزول، وهذا أمر ظاهر مشاهد محسوس دليل على أنّ ذلك بقدرة ذاتيّة وقوة أزليّة لا يعجزها شيء.

فعروج محمّد صلى الله عليه وسلم بشخصه في اليقظة إلى السموات العلى مما يُثبته العقل، ويجوز إذا تأييده بالنقل المتواتر عمّن لا يجوز عليه الكذب، وجب الإيمان بثبوته، والاعتقاد بحقيقته، وإنكاره إلحاد وضلال.

[الحوض يوم القيامة حقّ وغوث]

وأما قولهم: (والحوض الذي أكرمه الله تعالى به غيثا لأمّته حقّ)

قال أبو حفص الغزنويّ: وهذا أيضا مما يستجيزه العقل، إذ إغاثة الله تعالى لكافّة

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام