فهرس الكتاب
الصفحة 38 من 143

[اللّطف والصلاح والأصلح ليست واجبة على الله تعالى]

وأما قولهم: (يهدي من يشاء، ويعصم ويعافي من يشاء فضلا)

قال القاضي أبو حفص الغزنويّ: بينوا بهذا أنّ العباد لا يستحقّون على الله تعالى وجوب مراعاة الأصلح، ولا مراعاة الصلاح في حقّهم، والأصل في ذلك أنّ في مقدور الله تعالى لطفا لو فعل ذلك بالكفار لآمنوا اختيرا، ولم يفعل بهم ذلك، فلم يكن بأنْ لم بعطهم ذلك بخلا ولا سفها، ولا جائرا ظالما، ولو فعل بهم ذلك لكان متفضّلا منعما، لا مؤدّيا حقّا واجبا عليه، وإنْ ترك لم يتركْ واجبا، وكان ذلك عدلا منه لا جورا، ويجوز أن يفعل بالعبد ما ليس بمصلحة له.

[معنى الهداية وإبطال مذهب المعتزلة]

ثم معنى قول أصحابنا: يهدي من يشاء، ومعنى قولهم: يضلّ من يشاء، أي يخلق فعل الاهتداء ممن يشاء، وكذلك يخلق فعل الضلال ممن يشاء، وهذا هو قول أهل الحقّ في تأويل الهداية المضافة إلى الله تعالى والإضلال المضاف إليه.

وخالفت المعتزلة في إضافة خلق فعل الاهتداء وخلق فعل الضلال، وقالوا: المراد من الهداية المضافة إلى الله تعالى بيان طريق الدّين، لا تخليق فعل الاهتداء، وقالوا في الإضلال: هو تسميّة الله تعالى إيّاهم ضلّالا، يقال: أضلّه أي سمّاه ضالا.

وحجّة أهل الحقّ، قالوا: لما قامت لنا الدّلائل على أنّ الله تعالى خالق أفعال العباد كان هاديا بتخليقه فعل الاهتداء، مضلا بتخليقه فعل اضّلال. َ

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام