ذكر الشيخ الإمام أبو منصور الماتريديّ رضي الله عنه في تأويل آية أخذ الميثاق عن بعض أهل التأويل أنهم قالوا: إن الله تعالى إنما قال: أليست بربكم، عندما خلق آدم عليه السلام، أخرج من يكون من ذرّيته إلى يوم القيامة مثل الذّرّ، فعرض عليهم قوله: ألست بربّكم؟ قالوا: بلى.
قال الشيخ أبو منصور: ثم اختلف هؤلاء فيما بينهم، فمنهم من قال: إنه جعلهم بالمبلغ الذي يجري على مثلهم القلم، بأن، جعل فيهم الحياة والعقل والتمييز، ثم قال لهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى، وهو قول الحسن البصريّ.
ومنهم من قل: عرض ذلك على الأرواح دون الأبدان.
وقال بعضهم: إنه خلقهم على صنفين، فقال: هؤلاء إلى الجنّة، وهؤلاء إلى
النار، ولا أبالي، وما عرض عليهم قوله ألسّت بربكم.
وقال بعضهم: عرض على الكلّ التوحيد، فقال: ألست بربّكم؟ وأعلمهم بما عليه أحوالهم وآجالهم في الدنيا من الفقر والغناء والأجل، ونحو ذلك.
وأما قولهم: (وقد علم الله فيما لم يزل عدد من يدخل الجنّة ويدخل النار حملة واحدة، فلا يزاد في ذلك العدد ولا ينقص منه، وكذلك أفعلهم فيما علم منهم أن يفعلوه) ، فإنما قالوا ذلك تأكيدا لما قالوا من أزليّة صفات الله تعالى الذاتيّة والفعليّة بقولهم: ما زال بصفاته قديما قبل خلقه، بيانا لسعة علم الله تعالى، وأنّ علمه لا يقدّر بمعلوم الخلائق، وحسما لتلبيس أوهام القدريّة على العوامّ، حيث زعمت: كيف يعّذبّ الله تعالى على ما