فهرس الكتاب
الصفحة 9 من 143

الحكم من كل وجه، ومعلوم قطعا أنّ حكم العالم الحدث، وأنّ صفة الله تعالى القدم، فتوجب المساواة أن يكون العالم قديما، أو الصانع محدثا من جميع الوجوه.

وإنْ كانت المشابهة من وجه دون وجه؛ فتوجب أن يكون العالم قديما من وجه محدثا من وجه، وكذلك الصّانع، ثمّ المحدث من كل وجه أو من وجه لا يكون إلها، وإذا أوجب ذلك قدم العالم انتفى الصانع لاستغناء القديم عن غيره، فكان القول بالمشابهة موجبا لنفي الألوهية، وقد قامت الدلائل القطعيّة على ثبوت الصّانع، فما يوجب نفيه كان باطلا.

وأمّا دليل السمع قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] ، فالله تعالى نفى عن نفسه مماثلة شيء من العالم بهذا الكلام المحكم الذي لا احتمال فيه، فدلّ أنّ الله تعالى ليس بشبيه للخلق، ولا له منهم مثال بوجه من الوجوه، ولا شبيه منهم، ولا فيما يرجع إلى الصّفة، ولا فيما يرجع إلى النّفس، وهو يتعالى عن جميع معاني الخلق وصفاتهم.

ثم قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] ، دلّ قوله: شيء، على أنه يطلق عليه اسم الشيء، لأنه نفى عن نفسه المثليّة، ولم ينف الشيئيّة، لأنّ اسم الشيء ليس ينبئ عن الكيفيّة والجنسيّة، وإنّما ينبئ عن مطلق الوجود، والله تعالى موجود،

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام