ولأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يصلّون خلف الجبابرة من بني أميّة، وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: إذا دعونا إلى الرّحمن أجبناهم، وإذا دعونا إلى الشّيطان تركناهم.
وأما قولهم: (وعلى من مات منهم) ، فإنما قالوا ذلك لأنا ندبنا إلى الاستغفار لأهل القبلة، والصلاة على الميت استغفار له وشفاعة، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصّلاة على ماعز رضي الله عنه، وأمّا قطاع الطّريق وأهل البغي إذا قتلوا في حال المحاربة لم يصلّ عليهم، لأنّهم من أهل اللّعن، والصلاة ضدّ اللعن، ولأنهم باينوا المسلمين بالحرب والدّار، فالحقوا بترك الصلاة عليهم عقوبة، وأمّا من يقتل الناس خفية لأخذ أموالهم فهو ساع في الأرض بالفساد، كقطّاع الطّريق، فألحق بهم بترك الصلاة عليه.
وأما قولهم: (ولا ننزل أحدا منهم جنّة ولا نارا) ، فلأنّ ذلك إخبار على الغيب، وذلك لا يكون إلا بطريق الوحي، ولا وحْي بعد رسول الله صلى عليه وسلم، لأن تبديل الأحوال في حقّ غير الأنبياء في آحاد المحسنين والمسيئين جائز على ما يكون سبق في علم الله تعالى، وذلك غيب عنا، فيكون إنزال المحسن بظاهر حاله الجنّة قولا بما لا علم له، وذلك لا يجوز، وكذا إنزال المسيء بظاهر حاله النار يكون تألّيا على الله عزّ وجل، وذلك باطل محظور.
وأما قولهم: (ولا نشهد عليهم بكفر ولا بشرك ولا نفاق) ، فإنما قالوا ذلك لأن الظنّ بذلك من غير ظهور ذلك يكون ظنّا، واتّباع الظنّ محظور، قال الله تعالى: يَاأَيُّهَا