فهرس الكتاب
الصفحة 80 من 143

آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى [فصلت: 44] .

وأما قولهم: (العلم علمان: عِلْم في الخلق موجود، وعلم في الخلق مفقود، وإنكار العلم الموجود كفر، وادّعاء العلم المفقود كفر، ولا يثبت الإيمان إلا بقبول العلم الموجود، وترك طلب العلم المفقود) .

قال القاضي أبو حفص الغزنويّ: فالعلم الموجود في الخلق ما يوقف عليه بدلالة ظاهرة، كالعلم بالصّانع بما نصب في العالم من دلائل وحدانيته، وقدمه، وكمال علمه وقدرته، وحكمته، وبراءته من سمات النّقص وأمارات الحدث، وهو العلم بنبوّة الأنبياء وبمعجزاتهم، ونحو علم البعث بعد الموت بدلالة ذهاب اللّيل والنهار بعد وجودهما، وعودهما بعد ذهابهما وتلاشيهما، وبدلالة تعاقب النوم واليقظة، فإنّ في ذلك دلالة على أنهم كما ينامون يموتون، وكما يستيقظون يبعثون، وكما في تكرّر النّبات والأزهار في كل سنة وجودا وانعداما، ثم عودا على ما كان بعد الانعدام، دلالة على البعث، ونحو علم الأوامر والنواهي والأحكام الثابتة بالكتب السماويّة والأخبار النبويّة بنقل الجماعة، فهذا كلّه موجود في الخلق، فإنكار هذا العلم كفر.

والعلم المفقود ونحو ما أخفى الله تعالى من علم الأشياء التي أخفاها عن خلقه، فادّعاء علم هذا النوع كفر، لأنه دعوى المشاركة مع الله تعالى فيما استأثر به.

وأما قولهم: (ونؤمن باللوح والقلم) ، فإنما أثبتوا اللّوح بقوله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج: 21، 22] . وأمّا القلم فلما ثبت بالنقل الصحيح قول

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام