فهرس الكتاب
الصفحة 123 من 143

وأما قولهم: (في دعاء الأحياء وصدقتهم منفعة للأموات) ، فهذا منهم تصريح بإثبات المنفعة للأموات من قبل دعاء الأحياء وصدقتهم.

وإنما قالوا ذلك بدلالة النّصوص الواردة بالدعاء، كقوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: 55] ، قوله: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10] ، ولأن المؤمنين صاروا إخوة بسبب الإيمان، فصار بعضهم من بعض لاتحادهم في المعنى الجامع بينهم، وهو التوحيد والمعرفة، ولذلك وجب صلاة الميّت على الأحياء، وقد وعد الله الإجابة بقوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] ، فكان من الواجب علينا أن نعلم أنّ الدعاء ينفع حيث أمرنا بالدعاء والاستغفار للأحياء والأموات، إذ لا يأمر الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم إلا بما ينفع.

وأما قولهم: وفي صدقتهم، أي وفي صدقتهم أيضا منفعة للأموات، وإنما قالوا ذلك لما ثبت عندهم، لأنّ التّصدّق لأجل المؤمن الميّت كالدّعاء.

وقد ورد في الخبر: تصدّقوا عن موتاكم.

وقد روي أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم حضرت جنازة بين يديه، فسأل: هل عليه دين؟ فقيل: نعم، فقيل: هل ترك وفاء؟ فقيل: لا، فقال: صلّوا عليه، فقال أبو قتادة

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام