فهرس الكتاب
الصفحة 111 من 143

وخلق الحياة والموت ليبلوهم أيّهم أحسن عملا، لإظهار ما علِم في الأزل من وجود شاكر وكافر، كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} [التغابن: 2] ، وكما قال: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان: 3] .

ودلّت الدّلائل أنْ يكون الإيمان واجبا على التّأبيد، وأنْ يكون الكفر حراما على التّأبيد، ودلّت الدلائل أنْ يكون جزاؤهما على التأبيد، فجعلت الحياة الدّنيا للعمل إلى الموت، وجعل الموت للنقل إلى الآخرة فيها يبعثون جميعا للجزاء الوفاق، ولو كان ابتداء الجزاء المؤبّد في الدّنيا بطلت المحنة عن اختيار، وكان الإيمان اضطرارا بمعاينة العذاب، وقد قام الدّليل القطعيّ أنّ الإيمان لا ينفع عند معاينة الناس، فجعل الجزاء في دار البقاء، ولذلك سمّي يوم القيامة يوم الجزاء، قال الله تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4] : يوم الجزاء.

وأما قولهم: (والعرض) ، أي نؤمن بالعرض على أسرع الحاسبين، فإنما قالوا ذلك لقوله تعالى: {وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا} [الكهف: 48] ، وقوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} [الحاقة: 18] .

وأما قولهم: (والحساب) ، فلقوله تعالى: وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام