فهرس الكتاب
الصفحة 110 من 143

الموت، ودلّت الحكمة على تحقّق ذلك، وأنه لو لا البعث لكان خلق السّموات والأرض للعبث، إذ كان يكون الإيجاد للإعدام، والبناء للهدم؛ بلا عاقبة، وذلك سفه، وتعالى الصانع الذي ملأ كل شيء دلالة وحكمة أنْ يكون صنعه سفها، قال الله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: 115] ، صيّر خلق الخلق إذا لم يكن لهم رجوع عبثا، ثمّ نزّه عزّ وجلّ ذاته القديمة عن أنْ يكون صنعه عبثا بقوله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون: 116] .

وأما قولهم: (وجزاء الأعمال يوم القيامة) ، أن نؤمن بجزاء الأعمال، وإنما قالوا ذلك لقوله تعالى: {اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الطور: 16] ، وقوله تعالى: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الواقعة: 24] .

وأما قولهم: يوم القيامة، فإنما قالوا ذلك لأنّ الدّنيا لا تصلح أنْ تكون دار الجزاء، لأنّها جعلت دار العمل، والآخرة جعلتْ دار الجزاء.

وإنما قلنا: إنّ الدنيا لا تصلح دار الجزاء، لأنّ الأصل في دار المحنة امتحان أهلها بالأوامر والنواهي، وهو الإيمان بوحدانيّة الصّانع بالبعث بشهادة الآيات والدّلائل، والانتهاء عن الكفر والخلاف؛ عن اختيار في الإتيان والتّرك.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام