فهرس الكتاب
الصفحة 43 من 335

5 -وختم سبحانه أمره بالاستعاذة من الشيطان بالجمع بين"السميع العليم"في موضعين من القرآن، في قوله تعالى: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الأعراف: 200] ، وقوله: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [فصلت: 36] ، بينما جاء الأمر بالاستعاذة من شرِّ الإنس مختوماً بـ"السميع البصير"في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [غافر: 56] ، فختم الاستعاذة من الشيطان الذي نعلم وجوده ولا نراه بـ"السميع العليم"، وختم الاستعاذة من شرِّ الإنس الذين يُرونَ بـ"السميع البصير"؛ لأن أفعال هؤلاء مُعاينةً تُرى بالأبصار، وأما نزغُ الشيطان فوساوسُ وخطراتٌ يُلقيها في القلب يتعلق بها العلم.

6 -وجاء في بعض الآيات الختم بقوله: (وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) ، ومن ذلكم قوله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: 261] ، وهو مطابقٌ للسِّياق، ومن الفوائد أنه على العبد ألا يستعبد هذه المضاعفة، فإن المضاعفَ واسعُ العطاء واسع الغنى واسع الفضل، ومع ذلك فلا يُظن أن سعة عطائه تقتضي حصولها لكلِّ أحدٍ فإنه عليم بمن تصلح له هذه المضاعفة وهو أهل لها من غيره ممن ليس هو أهلاً لذلك، ومثله قوله تعالى: (وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: 247] ، وقوله: (وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: 261] .

7 -وخُتِمتْ آياتٌ كثيرة في القرآن باسميه سبحانه"التوَّاب الرحيم"، كقوله تعالى: (فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [البقرة: 37] ، وقوله: (ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة: 118] ، وقوله: (ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحجرات: 12] ، وذلك في سياق ذكر رحمته ومغفرته وتوفيقه وحلمه، وأنه لما كان هو التوَّاب الرَّحيم أقبل بقلوب التائبين إليه ووفَّقهم لفعل الأسباب التي يتوب عليهم ويرحمهم بها، ثم غفر لهم ورحمهم، فتاب عليهم أولاً بتوفيقهم للتوبة والأسباب، وتاب عليهم ثانياً حين قَبِل متابهم وأجاب سؤالهم لطفاً منه بهم ورحمة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام