وقد ذُكر هذان الاسمان معاً في قوله تعالى: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الحشر: 23] ، ولم يرد اسم الجبار في القرآن إلا في هذه الآية، وأما العزيز فقد ورد في القرآن ما يقرب من مائة مرة.
و"العزيز"أي: الذي له جميع معاني العزة، كما قال سبحانه: (إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) [يونس: 65] ، أي: الذي له العزة بجميع معانيها، وهي ترجع إلى ثلاثة معانٍ كلها ثابتة لله عز وجل على التمام والكمال.
المعنى الأول: عزّة القوة، وهي وصفه العظيم الذي لا تنسب إليه قوة المخلوقات وإن عظمت، قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) [الذاريات: 58] ، وقال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً) [فصلت: 15] ، وقال تعالى: (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ) [البقرة: 165] ، وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الأنفال: 52] ، وقال تعالى: (مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج: 74] .
المعنى الثاني: عِزّة الامتناع فإنه الغني بذاته فلا يحتاج إلى أحد، لا يبلغ العبادُ ضرَّه فيضرونه، ولا نفعه فينفعونه، بل هو الضارُّ النافع، المعطي المانع، منزه سبحانه عن مغالبة أحد، وعن أن يقدر عليه، وعن جميع ما لا يليق بعظمته وجلاله من العيوب والنقائص، وعن كل ما ينافي كماله، وعن اتخاذ الأنداد والشركاء، قال الله تعالى: (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون) [الصافات: 180 - 182] ، وقال تعالى: (وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [الروم: 27] ، وقال تعالى: (قُلْ أَرُونِي الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلاَّ بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [سبأ: 27] .