وهو اسم مأثور في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى أبو داود بسند جيِّد، عن عبد الله بن الشخِّير رضي الله عنه قال:"انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: أنت سيدنا، فقال: السِّيد الله تبارك وتعالى، قلنا: وأفضلنا فضلاً، وأعظمنا طولاً، فقال: قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يستجرينَكُم الشيطان" (1) .
وجاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في معنى قول الله تعالى: (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً) [الأنعام: 164] ،"إلهاً سيداً"، وقال في قوله تعالى: (اللَّهُ الصَّمَدُ) :"إنه السيِّد الذي قد كمُل في سؤدده" (2) .
ومراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:"السيد الله"أي: أن السُّؤدد حقيقة لله عز وجل، فهو المالك المولى الرب، والخلق كلهم عبيد له، مملوكون مقهورون ليس بهم غنية عنه في بدء أمرهم وهو الوجود، إذ لو لم يوجدهم لم يوجدوا، ولا في البقاء بعد الإيجاد، ولا في العوارض العارضة أثناء البقاء، محتاجون إليه في كل شؤونهم، مفتقرون إليه في جميع حاجاتهم، لا غنى لهم عنه طرفة عين، والأمر كله إليه وحده، والخلق كلهم طوع تدبيره وتحت تصرفه، يعطي ويمنع، ويخفض ويرفع، ويعز ويذل، ويحيي ويميت، ويأمر وينهى، ويقبض ويبسط، ويكرم ويهين، ويهدي ويضل، ويضحك ويبكي، ويغني ويفقر، الأمر أمره، والملك ملكه، والعبيد عبيده، فهو وحده تبارك وتعالى الذي تحق له السيادة ملكاً وخلقاً وتدبيراً، وذلاً وخضوعاً وانكساراً.
(1) رواه أبو داود (4806) ، والبخاري في"الأدب المفرد" (211) وغيرهما.
(2) انظر:"تفسير الطبري" (24/ 736) .