وقد جاء اسم الله"القوي"في عدّة مواضع من القرآن الكريم، منها قوله تعالى: (اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ) [الشورى: 19] ، وقوله: (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [المجادلة: 21] ، وقوله: (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ) [هود: 66] .
واسم الله"المتين"لم يرد إلاَّ في موضع واحد مقروناً بوصف الله بأنه ذو القوّة، قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) [الذاريات: 58] .
ومعنى"المتين"أي: شديد القوة، ومعنى"القوي"أي: الذي لا يعجزه شيء، ولا يغلبه غالب، ولا يرد قضاءه راد، ينفذ أمره ويمضي قضاؤه في خلقه، يعز من يشاء، ويذل من يشاء، وينصر من يشاء، ويخذل من يشاء، فالقوة لله جميعاً، لا منصور إلا من نصره، ولا عزيز إلاَّ من أعزه، وكذلك المخذول من خذله الله، والذليل من أذله، قال الله تعالى: (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [آل عمران: 160] ، وقال تعالى: (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ) [البقرة: 165] ، وهي حقيقة سوف يدركها المشركون يوم القيامة، يوم يرون عذاب الله بأبصارهم، فيعلمون حينئذٍ علماً جازماً أن القوة لله جميعاً. وقد عميت أبصارهم في الدنيا عن رؤية شواهد قوته ودلائل قدرته فاتخذوا الأنداد وعبدوا الأوثان وتعلقت قلوبهم بما لا يعطي ولا يمنع ولا يخفض ولا يرفع ولا يملك لنفسه نفعاً ولا دفعاً فضلاً عن أن يملك شيئاً من ذلك لغيره.