وقد ورد هذا الاسم في سورة الإخلاص: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ(1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) [الإخلاص] ، وهي السورة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها تعدل ثلث القرآن، ففي"صحيح البخاري" (1) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه:"أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟! فشق ذلك عليهم وقالوا: أيُّنا يُطيق ذلك يا رسول الله؟! فقال: الله الواحد الصَّمد ثلث القرآن".
و"الصَّمد"معناها لسّيد العظيم الذي قد كمل في علمه وحكمته وحلمه وقدرته وعزته وعظمته وجميع صفاته، فهو واسع الصفات عظيمُها، الذي صمدت إليه جميع المخلوقات، وقصدته كل الكائنات بأسرها في جميع شؤونها، فليس لها ربٌّ سواه، ولا مقصود غيره تقصده وتلجأ إليه في إصلاح أمورها الدينية، وفي إصلاح أمورها الدنيوية، تقصده عند النوائب والمزعجات، وتضرَع إليه إذا أصابتها الشّدائد والكُربات، وتستغيث به إذا مسّتها المصاعب والمشقّات، لأنها تعلم أن عنده حاجاتها، ولديه تفريج كرباتها، لكمال علمه، وسعة رحمته ورأفته وحنانه، وعظيم قدرته وعزته وسلطانه.
روى ابن جرير الطبري في"تفسيره" (2) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:"الصَّمَد"السيِّد الذي قد كمُل في سُؤْدده، والشريف الذي قد كَمُل في شَرفِه، والعظيم الذي قد كمُل في عظمته، والحليم الذي قد كمُل في حلمه، والغني الذي قد كمُل في غناه، والجبار الذي قد كمُل في جبروته، والعالم الذي قد كمُل في علمه، والحكيم الذي قد كمُل في حكمته، وهو الذي قد كمُل في أنواع الشّرف والسّؤدد، وهو الله سبحانه، هذه صفته لا تنبغي إلا له"."
(1) (رقم: 4727) .
(2) (24/ 736 - ط. التركي) . وعزاء السيوطي في"الدر المنثور" (15/ 780) له ولابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ في"العظمة"، والبيهقي في"الأسماء والصفات".