وقد جمع الله بين هذين الاسمين في قوله: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ) [هود: 61] .
ولم يرد"المجيب"في غير هذا الموضع، وأما"القريب"فقد ورد في موضعين آخرين هما: قوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة: 186] ، وقوله تعالى: (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنْ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ * وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ) [سبأ: 50] .
وقرب الله الذي تدلُّ عليه هذه الآيات هو قربٌ خاصٌّ من العابدين المحبين والداعين المستجيبين، قربٌ لا يدرك له حقيقة، وإنما تُعلم آثاره من لطفه بهم، وتوفيقه لهم، وعنايته بهم، ومن آثاره إجابته للداعين، وإثابته للعابدين، كما قال سبحانه: (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [غافر: 60] .
وقد ثبت في السنة أحاديث عديدة تدل على قرب الله عز وجل من عباده المؤمنين وأوليائه المتقين، يسمع دعاءهم، ويجيب نداءهم، ويعطيهم سُؤلهم، ففي"الصحيحين" (1) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:"كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فجعل الناسُ يجهرون بالتكبير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اربعُوا على أنفسكم، إنكم ليس تدعُون أصم ولا غائباً، إنكم تدعون سميعاً قريباً، وهو معكم"."
(1) البخاري (رقم: 7386) ، ومسلم (رقم: 2704) - واللفظ له-.