فهرس الكتاب
الصفحة 258 من 335

وقد ورد هذا الاسم في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع كلها بصيغة الجمع، وهي قوله تعالى: (وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِ وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ) [الحجر: 23] ، وقوله تعالى: (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ) [الأنبياء: 89] ، وقوله تعالى: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ) [القصص: 58] .

ومعنى"الوارث"، أي: الباقي بعد فناء الخلق، فكلُّ من سواه زائل، وكلُّ من عداه فان، وهو جل وعلا الحيُّ الذي لا يموت، الباقي الذي لا يزول، إليه المرجع والمنتهى، وإليه المآل والمصير، يفني الملاك وأملاكهم، ويرث تبارك الخلق أجمعين؛ لأنه باقٍ وهم فانون، ودائمٌ وهم زائلون.

فقوله: (وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِ وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ) أي: نرث الأرض ومن عليها، بأن نُميت جميعهم فلا يبقى حيٌّ سوانا إذا جاء ذلك الأجل، إذ الجميع يفنى وكلٌّ يموت، ويبقى الله وحده الحي الذي لا يموت.

وقال عز وجل: (إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ) [مريم: 40] ، وفي هذا تنبيه لمن ألهته الدنيا وشغلته عما خُلق لأجله وأُوجد لتحقيقه؛ أن الدنيا وما فيها من أولها إلى آخرها ستذهب عن أهلها، ويذهبون عنها، وسيرث الله عز وجل الأرض ومن عليها، ويُرجعهم إليه فيُجازيهم بما عملوا فيها.

وفي موضع آخر من القرآن توعد سبحانه كفار قريش الذين من الله عليهم بأن مكن لهم حرماً آمناً يحبى إليه ثمرات كل شيء رزقاً من لدنه سبحانه، وأبوا قبول دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم والإيمان بما جاء به، توعدهم بما فعله بالأمم الماضية حيث قال: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ) [القصص: 58] ، أي: أنه سبحانه الوارث للعباد حيث يُميتهم سبحانه ويرجع إليه جميع ما متعهم به من النعم، ثم يعيدهم إليه ليجازي كلا منهم بعمله.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام