أما"الشهيد"فقد تكرر في مواضع عديدة من القرآن، قال تعالى: (وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [البروج: 9] ، وقال تعالى: (وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) [النساء: 79] ، وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [الحج: 17] .
وأمَّا"الرقيب"فقد ورد في ثلاثة مواطن، قرن معه في أحدها اسم الشهيد، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1] ، وقال تعالى: (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا) [الأحزاب: 52] ، وقال تعالى: (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المائدة: 117] .
ومعنى الشهيد أي: المطلع على كلِّ شيءٍ الذي لا يخفى عليه شيءٌ، سمع جميع الأصوات خفيها وجليها، وأبصر جميع الموجودات دقيقها وجليلها، صغيرها وكبيرها، وأحاط علمه بكل شيء، الذي شهد لعباده وعلى عباده بما عملوه.
ومعنى الرقيب أي: المطَّلع على ما أكنَّتهُ الصدور، القائم على كل نفس بما كسبت، الذي حفظ المخلوقات وأجراها على أحسن نظام وأكمل تدبير، رقيب للمبصرات ببصره الذي لا يغيب عنه شيء، ورقيب للمسموعات بسمعه الذي وسع كل شيء، ورقيب على جميع المخلوقات بعلمه المحيط بكلّ شيء.
ومن يتأمَّل مدلول هذين الاسمين يجد بينهما شيئاً من الترادف؛ ولهذا قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله:"الرقيب والشهيد مترادفان، وكلاهما يدل على إحاطة سمع الله بالمسموعات وبصره بالمبصرات وعلمه بجميع المعلومات الجلية والخفية، وهو الرقيب على ما دار في الخواطر وما تحركت به اللواحظ، ومن باب أولى الأفعال الظاهرة بالأركان قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1] ، (وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [البروج: 9] ؛ ولهذا كانت المراقبة التي هي من أعلى أعمال"