وهو اسم تكرَّر وروده في القرآن الكريم في مواضع تزيد على الأربعين، منها قوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى: 11] ، وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا) [النساء: 58] ، وقال تعالى: (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [البقرة: 265] ، وقال تعالى: (وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) [آل عمران: 15] ، وقال تعالى: (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ) [الملك: 19] ، وقال تعالى: (إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) [الشورى: 27] ، وقال تعالى: (وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا) [الإسراء: 17] .
و"البصير"أي: الذي يرى جميع المبصرات، ويبصر كل شيء وإن دق وصغر، فيبصر دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، ويرى مجاري القوت في أعضائها، ويرى جريان الدم في عروقها، ويبصر ما تحت الأرضين السبع كما يبصر ما فوق السموات السبع، ويرى تبارك وتعالى تقلبات الأجفان، وخيانات العيون.
قال ابن القيِّم رحمه الله:"البصير: الذي لكمال بصره يرى تفاصيلَ خلق الذرة الصغيرة وأعضاءها ولحمها ودمها ومخها وعروقها، ويرى دبيبها على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء" (1) .
ولقد أحسن من قال:
يا من يرى صفَّ البعوض جناحه ... في ظلمة الليل البهيم الأليل
ويرى مناط عروقها في نحرها ... والمخ من تلك العظام النُحَّل
أمنُن عليّ بتوبة تمحو بها ... ما كان مني في الزمان الأول (2)
(1) "طريق الهجرتين" (ص/234) .
(2) أوردها القرطبي في"التذكرة" (1/ 464 - ط. دار المنهاج) .