ومما يجب الإيمان به أنه تبارك وتعالى يبصر بعينين تليقان بجلاله وكماله سبحانه، قال تعالى: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا) [الطور: 48] ، وقال تعالى: (وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ(13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ) [القمر: 13 - 14] ، وقال تعالى: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) [طه: 39] .
وقد دل الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لله عينين حين وصف الدجَّال الأكبر، وقال:"إنه أعور، وإن ربَّكم ليس بأعور"متَّفق عليه (1) . وتنزيهه سبحانه عن العور دليل على ثبوت العينين له سبحانه على الوجه اللاَّئق به.
قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله:"نحن نقول: لربَّنا عينان يبصر بهما ما تحت الثّرى وتحت الأرض السابعة السفلى، وما في السموات وما بينهما من صغير وكبير، لا يخفى عليه خافية، فهو تعالى يرى ما في جوف البحار ولججها كما يرى عرشه الذي هو مستوٍ عليه" (2) .
ثم إن لهذا الاسم العظيم مقتضياته من الذّل والخضوع ودوام المراقبة والإحسان في العبادة والبعد عن المعاصي والذنوب، ومن يتأمل الآيات التي وردت في القرآن الكريم مختومة بهذا الاسم- وهي تزيد على الأربعين- يتبيّن له ذلك، ولنقف من ذلك على بعض الأمثلة:
ختم جل وعلا بهذا الاسم قوله: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [الحج: 61] ، وهذا يقتضي سمعه لجميع أصوات ما سكن في الليل والنهار، وبصره بحركاتهم على اختلاف الأوقات وتباين الحالات.
وختم به قوله: (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) [الشورى: 27] ، منبِّهاً بذلك أنه سبحانه بصير بأحوال
(1) "صحيح البخاري" (رقم: 7131) ، و"صحيح مسلم" (رقم: 2933) من حديث أنس رضي الله عنه.
(2) "كتاب التوحيد" (ص/50) .