لقد تقدّم معنا شيء من المقدِّمات التأصيلية والقواعد العامة في فقه أسماء الله الحسنى، وهذا أوان الشروع في شرح ما تيسر من أسماء الله، ومن الله وحده يستمد العون ويستمنح التوفيق.
إن أصول الأسماء الحسنى التي تجمع في دلالاتها معاني سائر أسماء الله ثلاثة أسماء وهي:"الله، والرب، والرحمن"، فهذه الأسماء الثلاثة تنتظم في دلالاتها جميع أسماء الله، وأسماء الله تدور عليها وترجع إليها، فاسم"الله"متضمنٌ لصفات الألوهية، واسم الرب متضمن لصفات الربوبية، واسم الرحمن متضمن لصفات الإحسان والجود والبر، ومعاني أسماء الله تدور على هذا، وقد اجتمعت هذه الأسماء الثلاثة في سورة الفاتحة أم القرآن.
قال ابن القيِّم رحمه الله:"اعلم أن هذه السورة اشتملت على أمهات المطالب العالية أتم اشتمال، وتضمنتها أكمل تضمن، فاشتملت على التعريف بالمعبود تبارك وتعالى بثلاثة أسماء، مرجع الأسماء الحسنى والصفات العليا إليها، ومدارها عليها، وهي:"الله والرب والرحمن"، وبنيت السورة على الإلهية والربوبية والرحمة فـ (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) مبني على الإلهية، و (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) على الربوبية، وطلب الهداية إلى الصراط المستقيم بصفة الرحمة، والحمد يتضمَّن الأمور الثلاثة، فهو المحمود في إلهيته وربوبيته ورحمته" (1) أهـ كلامه رحمه الله.
وأول ما نبدأ به من أسماء الله الحسنى اسمه تبارك وتعالى"الله"، وهو اسم ذكر جماعة من أهل العلم أنه اسم الله الأعظم، الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى، ولهذا الاسم خصائص وميزات اختصّ بها.
(1) "مدارج السالكين" (1/ 7) .