وهو اسمٌ تكرَّر في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع، قال الله تعالى: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) [آل عمران: 8] ، وقال تعالى: (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ) [ص: 9] ، وقال تعالى في ذكر دعاء نبي الله سليمان عليه السلام: (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) [ص: 35] .
والوهَّاب: هو كثير الهبة والمنَّة والعطية، و"فعَّال"في كلام العرب للمبالغة، فالله جل وعلا وهَّابٌ، يهبُ لعباده من فضله العظيم، ويوالي عليهم النِّعم، ويوسَّع لهم في العطاء، ويجزل لهم في النَّوال، فجاءت الصفة على"فعَّال"لكثرة ذلك وتواليه وتنوعه وسعتِه، وهو سبحانه بيده خزائن كلِّ شيءٍ وملكوت السماء والأرض ومقاليد الأمور، يتصرَّف في ملكه كيف شاء، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، يعطي من يشاء، ويمنع من يشاء، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، فهو سبحانه يهبُ لمن يشاء ما يشاء، ولا تزال هباته على عبده متوالية، وعطاياه له متتالية، في عطاء دائم، وسخاء مستمرّ، يجود بالنوال قبل السؤال، من حين وُضِعت النُّطفة في الرَّحم، فنعمه وهباته للجنين في بطن أمِّه دارَّة، يربيه أحسن تربية، فإذا وضعته أمُّه عطف عليه والديه، ورباه بنعمه حتى يبلغ أشدّه، يتقلَّب في نعم الله ومواهبه مدَّة حياته، وإذا كانت حياتُه على الإيمان والتقوى فهذه أشرف هبة، وإذا توفاه الله على ذلك نال من المواهب أضعاف أضعاف ما كان عليه في الدنيا مما أعدَّه الله تعالى لعباده المؤمنين المتقين، مما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطرَ على قلب بشر.
وقد ذكر الله عز وجل في القرآن الكريم أنواعاً من هباته، وذكر توجه أنبيائه والصالحين من عباده إليه في طلبها ونيلها.