فهرس الكتاب
الصفحة 172 من 335

وقد وردت هذه الأسماء الأربعة مجتمعة في موضع واحد من القرآن الكريم، قال الله تعالى: (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الحديد: 3] ، وخير ما تفسر به هذه الأسماء الحسنى ويبيّن به معناها ما ورد في السنة النبوية في مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم لربه بهذه الأسماء مناجاةً تتضمن بيان معاني هذه الأسماء وتوضيح مدلولاتها.

روى مسلم في"صحيحه" (1) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا أخذنا مضجعنا أن نقول:"اللهم رب السموات ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا وربَّ كلِّ شيء، فالِقَ الحبَّ والنَّوى، ومُنزِلَ التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شرِّ كل شيء أنت آخذٌ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقضِ عنّا الدين وأغننا من الفقر".

فبيَّن عليه الصلاة والسلام في هذا الدعاء الجامع معنى كل اسم ونفى ما يناقضه، وهذا أعلى درجات البيان، ومدار هذه الأسماء الأربعة على بيان إحاطة الرب تبارك وتعالى بخلقه، وهي إحاطتان: زمانية ومكانية.

فإحاطةُ أوليته وآخريته بالقَبل والبعد، فكل سابق انتهى إلى أوليته، وكل آخر انتهى إلى آخريته، فأوليةُ الله عز وجل سابقة على أولية كل شيء، وآخريته سبحانه بقاؤه بعد كل شيء، فأحاطت أوليتُه وآخريته بالأوائل والأواخر، فما من أول إلا والله قبله، وما من آخر إلا والله بعده، فهو جل وعلا الأول فليس شيء قبله، والآخر فليس شيء بعده، وهذه إحاطة زمانية.

(1) (رقم: 2713) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام