قال الله تعالى: (إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) [هود: 57] ، وقال تعالى: (وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) [سبأ: 21] ، وقال تعالى: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) [الشورى: 6] ، وقال تعالى: (فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [يوسف: 64] ، وقال تعالى: (وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ) [الأنبياء: 82] ، وقال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: 9] .
وهذان الاسمان العظيمان دالان على أن الله سبحانه موصوف بالحفظ، وهذا الوصف يتناول أمرين:
الأول: الحفظ بعلمه جميع المعلومات؛ فلا يغيب عنه شيء منها، وفي مقابل ذلك النسيان، وقد نزَّه عنه لكمال علمه وحفظه، قال تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) [مريم: 64] ، وقال تعالى: (قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى) [طه: 52] ، وقال تعالى: (أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ) [المجادلة: 6] .
فهو تبارك وتعالى يحفظ على الخلق أعمالهم، ويحصي عليهم أقوالهم، ويعلم نياتهم وما تكن صدورهم، ولا تغيب عنه غائبة ولا تخفى عليه خافية، وكتب ذلك في اللوح المحفوظ، قال تعالى: (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ(52) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ) [القمر: 52 - 53] .
ووكل سبحانه ملائكة كراماً كاتبين يحفظون على العباد أعمالهم، قال تعالى: (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ) [الطارق: 4] ، وقال تعالى: (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ(10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) [الانفطار: 10 - 12] .
وهذا المعنى من حفظه سبحانه يقتضي إحاطة علمه بأحوال العباد كلها؛ ظاهرها وباطنها، سرّها وعلنها، وكتابتها في اللوح المحفوظ وفي الصحف التي في أيدي الملائكة، وعلمه بمقاديرها وكمالها ونقصها ومقاديرها جزائها في الثواب والعقاب، ثم مجازاتهم عليها بفضله وعدله.