وقد ورد اسم الله"الخالق"في القرآن الكريم في عدة مواضع.
منها: قوله تعالى: (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ) [الحشر: 24] ، وقوله: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) [الزمر: 62] ، وورد بصيغة المبالغة (الخلاّق) في موضعين من القرآن في قوله تعالى: (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ) [الحجر: 86] ، وقوله: (بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ) [يس: 81] .
والخلقُ يُطلق ويُرادُ به أمران:
أحدهما: إيجاد الشيء وإبداعه على غير مثال سابق، ومنه قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ) [يس: 71] ، وقوله: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) [القمر: 49] ، وقوله: (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى(2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى) [الأعلى: 2 - 3] ، وقوله: [الفرقان: 2] ، وقوله: (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) [الأنبياء: 104] .
والثاني: بمعنى التقدير، ومنه قولهم: خَلَقَ الأديم، أي: قدره، وقول الشاعر:
ولأنت تفري ما خلقت وبعـ ... ـض القوم يخلق ثم لا يفري
أي: أنت إذا قدَّرت أمراً أمضيته، وغيرك يقدر ثم لا يُمضي الشيء الذي قدَّره، وقوله: (وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا) [العنكبوت: 17] أي: تقدرونه وتهيئونه.
ومن هذا قوله تعالى: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [المؤمنون: 14] ، فالخلق في نعوت الآدميين معناه التقدير، أما الخلق الذي هو إبداع الشيء وإيجاده على غير مثال سابق فمتفرِّدٌ به ربُّ العالمين، كما قال تعالى: (هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ) [فاطر: 3] ، وقال تعالى: (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [لقمان: 11] ، وفي الآية تحدٍّ لجميع الخلق، بل أثبت سبحانه عجز الناس أجمعين