فهرس الكتاب
الصفحة 166 من 335

الثاني: أنه تعالى الحافظ للمخلوقات من سماء وأرض وما فيهما، لتبقى مدة بقائها، فلا تزول ولا تَدْثُر ولا تميد ولا يسقط شيء على شيء، ولا يثقله ولا يعجزه شيء من ذلك، كما قال تعالى: (وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا) [البقرة: 255] ، يحفظ سبحانه السماء أن تقع على الأرض، قال تعالى: (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ) [الحج: 65] ، وقال تعالى: (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ) [الأنبياء: 32] ، وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا) [فاطر: 41] .

وتكفَّل سبحانه بحفظ كتابه العزيز، قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: 9] ، فلا يطوله تحريف، ولا يلحقه تبديل، ولا يغيّر فيه حرف، ومع تطاول الأيام وامتداد الزمان بقي القرآن كما هو، وبقيت آياته كما أنزلها الله على نبيه صلى الله عليه وسلم، وسيظلّ محفوظاً بحفظ الله عز وجل.

ومن معاني هذا الاسم أنه سبحانه الحافظ لعباده من جميع ما يكرهون وحفظه لهم نوعان عام وخاص.

فالعام: حفظه لهم بتيسيره لهم الطعام والشراب والهواء، وهدايتهم إلى مصالحهم، وإلى ما قدر لهم وقضى لهم من ضرورات وحاجات وهي الهداية العامة التي قال عنها سبحانه: (الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) [طه: 50] ، وحفظهم بدفع أصناف المكاره والمضارّ والشرور عنهم، وهذا الحفظ يشترك فيه البر والفاجر، بل الحيوانات وغيرها، وقد وكل ببني آدم ملائكة يحفظونهم بأمر الله، كما قال سبحانه: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) [الرعد: 11] ، أي: يدفعون عنه بأمر الله كل ما يضره مما هو بصدده أن يضره لولا حفظ الله.

والخاص: حفظه لأوليائه- إضافةً إلى ما تقدم- بحفظ إيمانهم من الشبه المضلة والفتن الجارفة والشهوات المهلكة، فيعافيهم منها، ويحفظهم من أعدائهم من الجن والإنس فينصرهم عليهم ويدفع عنهم كيد الأعداء ومكرهم، كما قال سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا) [الحج: 38] ، وعلى حسب ما عند العبد من الإيمان تكون مدافعة الله عنه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام