وهو يفيد أن هذا الاسم العظيم من جملة أسماء الله الحسنى الدالة على عدة صفات لا على معنى مفرد، ففيه الدلالة على كثرة صفات الله وعظمتها وكمالها.
قال ابن القيم رحمه الله:"الصَّمد: السيد الذي قد كمل في سؤدده، ولهذا كانت العرب تسمي أشرافها بهذا الاسم، لكثرة الصفات المحمودة في المسمى به، قال شاعرهم:"
ألا بكَّر الناعي بِخيريْ بَنِي أسدْ ... بعمرو بن مسعودٍ وبالسَّيِّد الصَّمدْ
فإن الصمد من تصمد نحوه القلوب بالرغبة والرهبة، وذلك لكثرة خصال الخير فيه، وكثرة الأوصاف الحميدة له، ولهذا قال جمهور السلف، منهم عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: الصمد: الذي قد كمل سؤدده، فهو العالم الذي كمل علمه، القادر الذي كملت قدرته، الحكيم الذي كمل حكمه، الرحيم الذي كملت رحمته، الجواد الذي كمل جوده" (1) ."
وبيَّن رحمه الله أنَّ اشتقاقه يدل على هذا؛ فإنه من الجمع والقصد، فهو الذي اجتمع القصد نحوه، واجتمعت فيه صفات السؤدد، وهذا أصله في اللغة، والعرب تسمي أشرافها بالصمد لاجتماع قصد القاصدين إليه واجتماع السيادة فيه (2) .
ولأجل ذا تنوَّعت عبارات السلف في تفسير هذا الاسم، فمنهم من قال: الصمد: هو الذي ليس بأجوف ولا يأكل ولا يشرب، ومنهم من قال: هو الذي يصمد الخلائق إليه في حوائجهم ومسائلهم، ومنهم من قال: هو الذي لا يخرج منه شيء، أي: لا يخرج منه عين من الأعيان فلا يلد، ومنهم من قال: هو السيد الذي انتهى سؤدده، ومنهم من قال: هو الذي لا أحد فوقه.
(1) "الصواعق المرسلة" (3/ 1025) .
(2) "فائدة جليلة في قواعد الأسماء الحسنى" (ص/21 - 22) .