فهرس الكتاب
الصفحة 113 من 335

وقد أورد جميع هذه الأقوال ابن جرير الطبري في"تفسيره" (1) ، وذكر من قال بها من أئمة السلف رحمهم الله، وأوردها كذلك الحافظ ابن كثير في"تفسيره" (2) وغيرهما من المفسرين، وكل ذلك حق؛ لأن هذا الاسم دال على جملة أوصاف عديدة لا على معنى مفرد، كما سبق بيان ذلك.

ولهذا نقل الحافظ ابن كثير، عن أبي القاسم الطبراني في كتاب"السنَّة"له بعد إيراده كثيراً من هذه الأقوال في تفسير الصمد أنه قال:"وكلّ هذه صحيحة، وهي من صفات ربِّنا عزَّ وجل، وهو الذي يُصمَد إليه في الحوائج، وهو الذي انتهى سؤدده، وهو الصمد الذي لا جوف له، ولا يأكل ولا يشرب، وهو الباقي بعد خلقه" (3) .

وقال البغويّ رحمه الله:"والأولى أن يحمل لفظ الصمد على كل ما قيل فيه؛ لأنه محتمل له، فعلى هذا يقتضي أن لا يكون في الوجود صمد سوى الله تعالى، العظيم القادر على كل شيء، وأنه اسم خاص بالله تعالى انفرد به، له الأسماء الحسنى والصفات العليا (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى: 11] " (4) .

وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله:"من المعروف في كلام العرب إطلاق الصمد على السيِّد العظيم، وعلى الشيء المصمت الذي لا جوف له ... ، فالله تعالى هو السيد الذي وحده الملجأ عند الشدائد والحاجات، وهو الذي تنزَّه وتقدس عن صفات المخلوقين كأكل الطعام ونحوه سبحانه وتعالى عن ذلك علوّاً كبيراً" (5) .

وإذا علم العبد اتصاف ربه بهذا الكمال والجلال، وأنه سبحانه لا شيء فوقه، ولا شيء يعجزه، وأنه سبحانه مَفْزَعُ الخلائق ومَلْجَؤُها، فلا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه،

(3) نفسه.

(4) "معالم التنزيل" (7/ 321) .

(5) "أضواء البيان" (2/ 187) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام