فهرس الكتاب
الصفحة 312 من 335

فهو سبحانه السيِّد الذي له التصرف والتدبير في هذا الكون لا ند له، وهو سبحانه السيد الذي ينبغي أن تصرف له وحده الطاعة والذل والخضوع لا شريك له، فكما أنه سبحانه السيد المتصرف في الخلق لا ند له، فكذلك يجب أن يكون السيد المعبود لا شريك له، كما قال تعالى: (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) [الأنعام: 164] ، وقد تقدم قول ابن عباس رضي الله عنهما:"إلهاً سيداً".

قال ابن جرير الطبري في تفسير (1) هذه الآية:"يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم (قُلْ) يا محمد لهؤلاء العادلين بربهم الأوثان، الداعين إلى عبادة الأصنام واتباع خطوات الشيطان: (أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً) ، يقول: أسوى الله أطلب سيداً يسُودُني (وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) يقول: وهو سيدُ كل شيء دونه ومدبره ومصلحه".

وقال ابن كثير في تفسيرها:"يقول تعالى: (قُلْ) يا محمد لهؤلاء المشركين بالله في إخلاص العبادة له والتوكل عليه: (أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً) أي: اطلب رباً سواه، (وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) يربني ويحفظني ويكلؤني، ويدبر أمري، أي: لا أتوكل إلا عليه، ولا أنيب إلا إليه؛ لأنه رب كل شيء ومليكه، وله الخلق والأمر" (2) .

وهذا أدل الدليل وأبين البرهان على بطلان الشرك واتخاذ الأنداد، إذ كيف يُتخذ المخلوق الضعيف نداً للسيد العظيم والخالق الجليل والرب القدير، تعالى الله عما يشركون.

(أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ * وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ * وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاء عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ * إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِن كُنتُمْ

(1) (10/ 48 - ط. التركي) .

(2) "تفسير ابن كثير" (3/ 378) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام